أضرار الأصوات المرتفعه وطريقة علاجها!

Written by AMR GADO

من الحاجات اللي بحرص عليها كل يوم تقريبًا هي إني أخرج أتمشى، ساعة على الأقل. بحب أمشي aimlessly، وأسيب دماغي تاخد راحتها وتفكر في أي وكل حاجة.

في آخر أجازة لما نزلت مصر، قعدت فترة في فيصل، وقررت أكمّل عادة المشي هناك. حاولت أختار أوقات متأخرة شوية، بعد 12 بليل، على أمل إن الدنيا تكون أهدى، بس الحقيقة مفيش فايدة. المنطقة مزعجة بشكل مستفز: صوت عربيات وموتسيكلات، كلكسات، ناس بتزعق، دوشة مستمرة مبتقفش لحظة. طبعًا يومين تلاتة وبدأت أتعوّد تاني، كأن الجسم والعقل بيستسلموا لدا. ودي حاجة حزينة جدًا.

امبارح قابلت فيديو دقيقة ونص على تيك توك لبنت اسمها Hazel، وهي ecological soundscape researcher، كانت بتشرح تلت مفاهيم أساسية ل soundscape:

Geophony: صوت الطبيعة غير الحيّة، زي الرياح، المطر، أو البحر.

Biophony: أصوات الكائنات الحية، زي الطيور أو الحشرات.

Anthrophony: الأصوات الناتجة عن البشر، زي المرور، الكلام، أو الموسيقى.

الـ soundscape هو ببساطة كل الأصوات اللي بتكوّن البيئة السمعية حواليك، مش بس كأصوات منفصلة، لكن كطريقة تفاعلها مع بعض، وسياقها، والمعنى اللي بتحمله ضمن أطر اجتماعية وثقافية وبيئية.

وبما إني مهتم مؤخرًا بالـ urban planning والـ environmental psychology، أدركت إن الـ soundscape بيلعب دور مهم جدًا، خصوصًا في المدن اللي بتحاول تقلل الضوضاء وتخلق بيئات acoustically healthy، مش بس هادية، لكن ممتعة سمعيًا.

المدن برا بدأت تعمل تحوّل كبير في النقطة دي. بدل ما تركّز على تقليل مستوى الصوت بالديسيبل والالتزام بإرشادات منظمة الصحة العالمية بس، بقت تركّز على تجربة الناس للصوت، وعلى خلق بيئة صوتية صحية ومريحة.

يعني بنحاول نعزّز الأصوات الإيجابية، زي صوت المياه، أو الطيور، أو موسيقى هادية في الأماكن العامة. نخفي أو نقلّل الأصوات المزعجة باستخدام عناصر طبيعية أو مصممة، زي الأشجار الكثيفة (vegetation buffers)، أو النوافير (fountains)، أو حواجز صوتية جمالية. نحافظ على الأصوات التراثية، زي جرس الكنيسة أو أصوات الأسواق. نصمم المكان حسب الناس اللي هيستخدموه: أطفال؟ كبار سن؟ محتاجين بيئة صوتية تناسبهم.

في الحدائق، بنستخدم الزرع كـ buffer طبيعي لعزل صوت العربيات. وفي بعض الساحات العامة، بيكون الهدف هو خلق توازن بين الحيوية الاجتماعية والراحة السمعية، من خلال تنويع استخدامات الفضاء، توزيع أماكن الجلوس، واختيار الخامات. زي ما بيحصل في ساحة Schouwburgplein في روتردام بهولندا، اللي تصميمها بيعتمد على تقليل العوائق البصرية، خلق إحساس بالانفتاح، وتوزيع الأنشطة الحضرية بطريقة تسمح بوجود حياة مجتمعية من غير ما تكون مزعجة. أرضية الساحة نفسها معمولة بخامات مختلفة بتغيّر الإحساس بالصوت حسب الحركة، وأوقات الفعاليات فيها بيكون في موسيقى أو عروض، لكن تصميمها في الأساس بيسمح بتوازن ما بين الاستخدام والنقاء السمعي.

أما في البنية التحتية للمواصلات، فبنستخدم acoustic barriers مش بس لحجب الصوت، لكن بشكل جمالي وبيئي. مثلاً، في ألمانيا، فيه حواجز مزروعة بالنباتات المتسلقة أو مصنوعة من مواد طبيعية زي الخشب المعالج، فبتعمل حاجز صوتي وفي نفس الوقت مبتشوهش المنظر.

كمان تفاصيل زي تصميم واجهات المباني façade design، وكثافة الزرع، وشكل الشارع؛ هل هو واسع، ضيق، في منحنيات. دا بيأثر جدًا في طريقة انتقال الصوت. المادة اللي المبنى متغطي بيها كمان لها دور، لأن فيه مواد بتمتص الصوت، وفيه مواد بتعكسه.

في برلين، حولوا ساحة سكة حديد مهجورة في منطقة شونيبيرغ ل Natur-Park Südgelände. حديقة حضرية بتجمع بين الطابع الطبيعي والصناعي. المسارات الحديدية القديمة لسه موجودة كجزء من التصميم، لكن النباتات الكثيفة اللي نمت على مدار سنين عملت حواجز صوتية طبيعية. الحديقة مش متقسمة بطريقة strict، بس توزيع الأنشطة فيها بيسمح بتعايش ما بين مناطق أكثر هدوءًا (للاسترخاء والمشي) ومناطق أكتر حيوية (للفنون أو الفعاليات). وده خلق توازن حقيقي بين النشاط المجتمعي والسكينة البيئية.

فكرة الـ soundscape بتفكرنا إننا مش بس بنشوف المدينة، احنا كمان بنسمعها؛ جرب تاخد بالك من دا في كل شارع، كل مساحة عامة، وكل تصميم عمراني حواليك.