وحش جيفودان: رُعب حقيقي هزّ فرنسا في القرن الثامن عشر

بين عامي 1764 و1767، عاشت فرنسا واحدة من أكثر فصولها رعبًا وغموضًا، ليس في ساحات المعارك أو القصور الملكية، بل في الريف الهادئ لمنطقة جيفودان. هناك، خرج كابوس حيّ من بين الأشجار، يسير على أربع، يزأر كالذئب… ويقتل كبشر لا رحمة في قلبه.

في صيف عام 1764، كانت فتاة صغيرة ترعى ماشيتها في أحد الحقول، حينما خرج من الغابة مخلوق غامض ضخم الجسد، مغطى بالفرو الكثيف، له فم مليء بالأنياب الطويلة، وذيل يشبه السوط. هاجمها بشراسة، لكنها نجت بأعجوبة. لم يمر وقت طويل حتى عُثر على أول جثة: فتاة مشوهة تمامًا، مفجوعة الوجه، وقد انتُزع رأسها من جسدها!

خلال ثلاث سنوات، بلغ عدد الضحايا أكثر من 100 شخص معظمهم من النساء والأطفال. كانوا يُعثر عليهم في الحقول أو قرب الغابات، وأجسادهم ممزقة بوحشية كأنما مزقتها مخالب مخلوق مفترس، ولكن بذكاء قاتل غامض.
الشهود قالوا:

“رأيناه! إنه يشبه الذئب، لكن ليس ذئبًا… إنه أكبر، أسرع، وله نظرة شريرة لا تُنسى.”

صدى المجازر وصل إلى قصر الملك لويس الخامس عشر، الذي أعلن أن فرنسا في حرب… ليس مع دولة، بل مع وحشٍ من الجحيم! أرسل الملك أفضل صياديه، ومعهم بنادق مطلية بالفضة، وسط تهليل الناس الذين ظنوا أن الرعب سينتهي. وبالفعل، أعلن أحد الصيادين أنه قتل “الوحش”… لكن بعد أسابيع فقط، عادت الجثث لتظهر، وكأن الموتى أنفسهم كانوا يكذبون عليهم!

في يونيو 1767، خرج فلاح يُدعى جان شاستيل للصيد، مسلحًا بما قيل إنها رصاصات مصنوعة من الفضة المقدّسة.

واجه الوحش وجهاً لوجه في الغابة، وأطلق عليه النار فأرداه قتيلاً. ومنذ تلك اللحظة… اختفى الوحش، وتوقفت الهجمات نهائيًا.

فما هو هذا الوحش؟

حتى اليوم، لم يعرف أحد الحقيقة.

هل كان ذئبًا متحولًا؟

هل هو مخلوق غريب من عالم آخر؟

أم مجرد بشري تنكر بقناع الحيوان؟

بعض النظريات تقول إنه كان أسدًا هاربًا من قفص أحد النبلاء، أو كلبًا مدربًا على القتل، أو حتى تجربة فاشلة في تهجين حيوانات مفترسة.

لكن مهما كانت الإجابة، فإن الوحش الحقيقي كان الرعب نفسه… الذي سيطر على قلوب الناس، وحوّل الريف الفرنسي إلى ساحة موت.

About The Author

About Me

Web ~  More Posts

كاتب وباحث في تاريخ الأمم ولديه عدة مؤلفات منشورة ورقيا والكترونيا

AMR GADO

كاتب وباحث في تاريخ الأمم ولديه عدة مؤلفات منشورة ورقيا والكترونيا

Related Posts

سلسلة قصصية : الخيط الأحمر(4)

الفصل الرابع  ” طقوس الحضور “ في الثالثة فجراً ، استيقظت ملك على صوت غير واضح من هاتفها ، رسالة صوتية ، مشوشة ، لا يظهر فيها سوى همسات متداخلة…

سلسلة قصصية : الخيط الأحمر(3)

الفصل الثالث ” سجل الطقوس“ الأرشيف ليس مجرد مكان للملفات المهترئة  .. هو مقبرة للحقائق التي لم يرغب أحد في دفنها علناً . هناك .. في الطابق السفلي من مكتبة…

Comments (0)

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *