أمواج الفتاة التي عادت من الخارج

إيناس أحمد تكتب:

أمواج الفتاة التي عادت من الخارج، محملة بأفكار غربية، تريد تغير البيت الكبير من عاداته وتقاليده،

لم تعجبها قط سياسة العائلة في تدبيرالأعمال الخارجية والداخلية، ونحن عائلة معروف عنها الرضوخ التام منذ وفاة جدنا الكبير، ولكن الأبناء توارثوا الهيمنة على الأوضاع، وقفت بكل ثبات أمام الكبار،

التم حولها شباب العائلة، ثارت على الأوضاع حتى رضخت العائلة لها ولمطالبها، التغيير التام ووضع أسس حديثة للعمل،

جيل جديد يريد ان يتحرر من القيود، فوقفت أشاهد تغيير الأحداث، أدون ما حدث، أحببتها رغم أنني لم أكن لاعتنق أفكارها، ذات يوما سألتني:

_ لماذا لا تريد التغيير؟

فأجبتها:

_ أنني لا أستطيع انتظار الهزيمة.

_ أين عزيمتك أيمن؟ هل تريد البقاء تحت سلطة العائلة إلى الأبد؟

_ في الأخير انها العائلة.

_ حسنا إذا؛ فأنهم جعلوك تعتنق الانتماء دون أن تنتمي.

_ من هم ؟

_ هؤلاء الكبار …

_ أمواج أنتِ تشعلي الفتنة بتلك الأفكار

_ حسنا إن أردت الانسحاب!

رأيت في عينيها بريقًا جذبني إليها فنسيت أمر العائلة، تبعتها دون أن ادري هل صحيحًا ما أقوم بفعله؟ لكنه كان شعور مختلف، الحب تحت راية الخطر،

ثورة جديدة في عالمي الصغير المثالي، أخذتني إلى دروب جديدة لم أكن أتصور التواجد بها، تأملت من جديد لحياة أكثر استقرار من ذي قبل، لكن ما حدث كان مروعًا. فلا شئ ثابت في تلك الحياة كله إلى متغير، لطالما توقعت أننا سننجو بفعلتنا، حدث شيئا أطاح بأشرعة سفينتنا!

اجتمع الغرباء للرقص على أنقاض البيت الكبير، واتفقوا على تدميرنا وتدمير الحب الذي ربط بيننا، ولكن ما بني على باطل فهو باطل، ففي الخلفية ظهرت الحقائق!

وما دار في تلك الليالي أطاح بأشرعة سفينتنا حتى استقرت للغرق، هربت أمواج وتركتني وحدي أواجه مصيرًا اخر،

اجتاح الغرباء بكل قوة ذلك التماسك الذي كان بين الشباب المندفع، حتى وإن كان ظاهرا لسنوات والباطن شيئا اخر.

انسحبت من المشهد ورحلت إلى شاطئ البحر، علني أجد الإجابة الشافية لما حدث!

فكل منا لديه موطن يعود إليه حين تغتابه الليالي، وحدي هنا…

أصبح موطني بين أمواج البحر وأمام شاطئه، لن ألتفت مرة أخرى إلى شئ آخر، حتى وإن كانت الامواج قد هدأت اليوم وبعد سنوات، لكني أحتفظ به لمن أهدتني إياه.

محبوبتي الثائرة، تلك الصغيرة الباكية، ذات العيون الغائرة والبشرة السمراء الصافية، وهج الصبح بين أعينها كاد يقتلع نبضات قلبي صريعًا بحبها.

التمست لها العذر بالأمس، لكنني اليوم غاضب، كتلك الأمواج التي ترتمي على قدمي وتسحب معها كل أشواقي لها، وترمي بها على الجانب الآخر.

“أمواج”، الاسم الذي ذبت فيه عشقًا، ولكنها أمواج صارخة، أزاحت بثورتها كل ثباتي، جاءت بي إلى هنا دونها، ألقتني في بحرها فأحببته، وهي غادرت بعد أن أصبح موطني.

أما الآن، فأصبحت أمواجها يركبها كل شيطان، أمواجًا سوداء في ليل كئيب تحت الأضواء الراقصة، تنعم بحريتها ولكن تحت قبضة الرجال ذوي السلطة والمال، هربت من الممكن إلى المستحيل تحت ستار الحرية.

فهل تهدأ من عواصفها يومًا ما؟ هل تلجأ إلى الأمواج الحانية مرة أخرى؟

وتعود إلى موطنها الذي أهدتني إياه، وما زلت أحتفظ به إلى اليوم!

اتمنى أنني لم اخطئ التقدير الامس واليوم، وأن نحيا ليس على أطلال ما حدث، ولكن على أوقات شعر كلا منا بشئ مختلف نبضات قلب عذبة طيبة، هتاف العقل ضد الاستغلال والتشدق بالمبادئ المزيفة.

About The Author

About Me

إيناس أحمد
More Posts

شاعرة وكاتبة 
لها تجارب في كتابة القصص القصيرة والشعر منها أطياف مزرعة المانجا و وقصة أنت بطلها و ديوان خيال وهمي وليه يا بنفسج تم النشر على منصة ريڤيو للنشر الالكتروني كما انني حظيت بفرصة نشر نوڤيلا بعد الرحيل مع إبداع للنشر الالكتروني
ولي قصة قصيرة أيضا بعنوان موطني نشرت ورقي مع دار ديوان العرب ضمن المجموعة القصصية أريج غزة

إيناس أحمد

شاعرة وكاتبة  لها تجارب في كتابة القصص القصيرة والشعر منها أطياف مزرعة المانجا و وقصة أنت بطلها و ديوان خيال وهمي وليه يا بنفسج تم النشر على منصة ريڤيو للنشر الالكتروني كما انني حظيت بفرصة نشر نوڤيلا بعد الرحيل مع إبداع للنشر الالكتروني ولي قصة قصيرة أيضا بعنوان موطني نشرت ورقي مع دار ديوان العرب ضمن المجموعة القصصية أريج غزة

Related Posts

سلسلة قصصية : الخيط الأحمر(4)

الفصل الرابع  ” طقوس الحضور “ في الثالثة فجراً ، استيقظت ملك على صوت غير واضح من هاتفها ، رسالة صوتية ، مشوشة ، لا يظهر فيها سوى همسات متداخلة…

سلسلة قصصية : الخيط الأحمر(3)

الفصل الثالث ” سجل الطقوس“ الأرشيف ليس مجرد مكان للملفات المهترئة  .. هو مقبرة للحقائق التي لم يرغب أحد في دفنها علناً . هناك .. في الطابق السفلي من مكتبة…

Comments (0)

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *