قصة : الجملة الأخيرة

في عام 2666 تم تطوير أول آلة لقراءة وعي الإنسان لحظة موته ، إسمها ” إيثر- نوت “

كانت قادرة على التقاط آخر فكرة تمر في العقل قبل الإنطفاء الكامل ، وتحويلها إلى جملة واحدة ..تطبع على ورقة سوداء .

كل من مات تحت رعاية الجهاز ..نقشت جملته الأخيرة ، عبارات بسيطة في البداية مثل

اشعر بالبرد “

” اين ابنتي ؟ “

 ” لم يكن الأمر يستحق “

لكن بعد الجثة رقم  700 ،  تغير كل شئ ، الجمل بدأت تتكرر ، بنفس الكلمات حتى مع موتى لا علاقة لهم ببعض

 ” إنه يخرج الآن “

” أخطأنا حين ظننا أن الموت هو النهاية “

” أنا أراه .. وهو يبتسم “

أغلق المشروع فورا ، لكن أحد الفنيين يدعي ” لوفييل “ لم يتوقف كان مهووسا بتلك الألة ، أراد ان يعرف من الذي يخرج ؟ وما الذي يرونه ؟ فقرر أن يجرب الجهاز على نفسه ولم يمت لكنه رأى ….

اللحظة التي فعل فيها  ” إيثر- نوت” تجمد الهواء ، سقطت كل الآلات وظل هو جالسا ، عينيه مفتوحتين لكن لا يرى أحد ما يراه .

بداخله كان في مكان ليس له شكل ، مكان كله أصوات تصرخ نفس الجملة مرارا وتكرارا

” أنت الأن في فمه “

ثم خرج الصوت ، ليس من خارجه بل من داخله

” أنا كنت أحيا من صمتكم .. و الآن تتكلم “

فهم  ” لوفييل “ أن الإنسان لم يكن وحيدا في وعيه قط ، كان هناك كيان نائم يسمي ب ” العارف “ كلما اقترب أحد من فهم الموت .. استيقظ .

الذين ماتوا لم يختفوا ، بل دخلوا فيه ، صاروا جزءا من جوعه المعرفي ، عاد ” لوفييل” إلى وعيه  ، كان جسده سليما لكن وجهه تغير ، كل من نظر في عينيه بدأ يري كابوسا متكررا كل ليلة ، ممر مظلم و رجلا بلا فم ، يمسك بورقة سوداء مكتوب عليها

الخطأ لم يكن في الموت .. بل في السؤال عنه

بدأت حالات الجنون ، انتحارات غامضة  ، أطباء يفقأون أعينهم ، يصرخون ” لا أريد أن أراه بعد الآن “

اليوم … تم دفن إيثر- نوت في قبو لا عنوان له ، لكن هناك إشاعة أن الورقة الأخيرة التي طبعت خرجت فارغة ..فارغة لأن الذي مات حينها لم يرد أن يقال ما رآه … هو فقط ….ابتسم

About The Author

About Me

ماجي العقيلي
More Posts

Related Posts

سلسلة قصصية : الخيط الأحمر(4)

الفصل الرابع  ” طقوس الحضور “ في الثالثة فجراً ، استيقظت ملك على صوت غير واضح من هاتفها ، رسالة صوتية ، مشوشة ، لا يظهر فيها سوى همسات متداخلة…

سلسلة قصصية : الخيط الأحمر(3)

الفصل الثالث ” سجل الطقوس“ الأرشيف ليس مجرد مكان للملفات المهترئة  .. هو مقبرة للحقائق التي لم يرغب أحد في دفنها علناً . هناك .. في الطابق السفلي من مكتبة…

Comments (0)

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *