نهاية مأسوية لدار الأيتام بسبب الفيضان، لكن أرواح الأطفال لسه عايشة هناك.

دار أيتام القديسة ماري

ندى الشناوي تكتب:

في مستودع تابع لشركه وال مارت الأمريكية، كل الموظفين أجمعوا أنهم بيشوفوا أشباح هناك!

وال مارت ده يا سادة سوبر ماركت زي كارفور كده في أمريكا، فطبيعي يكون عنده مستودع،

والعمال بيروحو يجيبوا بضايع أو يرجعوا بضايع منه، بيمشوا علطول يعني محدش بيقعد هناك خالص.

في يوم بقى كان حبة موظفين تعبوا من الشغل وقرروا بعد ما يرتبوا البضاعة؛

أنهم يرتاحوا شوية بما أنه اخر الشيفت، وقعدوا بقى وحكايات والقعدة عجبتهم والدنيا هادية

لحد ما فجأة سمعوا صوت بنت بتصرخ وبتعيط، اتنفضوا طبعًا وقعدوا يدوروا عليها، مسابوش شبر في المستودع مدوروش فيه،

لكن ملقوهاش، وقعدوا مستغربين جدًا وهل ده وهم، طيب إزاي كلهم سمعوا، كلهم هيتوهموا مع بعض يعني، هي حفلة!

قعدوا بس خايفين شوية، وبيفكروا الصوت ده جه منين وايه اللي بيحصل،

لحد ما عدى راجل ساكن قريب عليهم، راجل عجوز ساكن في المكان من زمان،

لما لاقاهم قاعدين، قالهم بستغراب إزاي قاعدين مش انتوا بتنزلوا البضاعة او تاخدوا بضاعة وتمشوا علطول،

إزاي قاعدين أصلًا والمكان كله أشباح!!

وهنا طبعًا العمال خوفهم زاد وطلعوا للراجل بره، وقفلوا المستودع وراهم بهدوء عشان ميزعجوش شبح كده ولا كده.

وقالوا للراجل تعالى بس هنعملك شاي واحكيلنا قصة المكان ده.

قعد عم الحج وقالهم أنا عاصرت المكان ده من سنين السنين،

في منطقة قريبة من هنا عملوا دار رعاية للمرضى والمسنين ومصابي الحرب والأيتام شاملة يعني،

ولما التبرعات كترت؛ قالوا يعملوا دار أيتام بالمرة وينقلوا الأطفال في مكان منفصل بدل ما هما معرضين للأمراض في الطالعة والنزلة كده.

وبالفعل أخدوا المكان اللي على البحر الحلو ده، وبنوا دار أيتام وسموها القديسة ماري،

اللي هي دلوقتي بقت المستودع اللي إحنا قاعدين قدامه ده، كان مكان جميل للأيتام بيدخله الهوا من كل حتة،

على البحر وكمان قريب من المدينة عشان الناس تقدر تيجي تساعد الأطفال بسهولة.

طبعًا انتوا مستنين حد شرير بيعذب الأطفال وكده بس هخيب أمالكم المرة دي، دي قصة مأسوية برعاية الطبيعة.

في يوم من الأيام الجو كان عاصف وبرد ومطر،

راحت الراهبة إليزبيث للمدينة تجيب حاجات لللاكل للدار وعدت على المستشفى تجيب ادوية للأولاد،

وهي هناك قالولها خليكي قاعدة معانا الليلة مترجعيش الدار عشان فيه عاصفة هتحصل الطريق مش أمان.

وبالفعل العاصفة أشتدت جدًا والشبابيك والأبواب أبتدت ترزع والأولاد خايفين جدًا،

الراهبات جمعوهم وفضلوا يطمنوهم، مشهد لا يحسدوا عليه، خاصة أن الراهبات نفسهم خايفين ومش هينفع يطلعوا من الدار لأن العاصفة هتشيلهم في الجو حرفيًا، كل ده والاسوء لسه مجاش.

العاصفة زادت والبحر بيخبط في الدار وأبتدى يدخل من الشبابيك والأبواب،

الراهبات ربطوا نفسهم بحبل، كل راهبة معاها ٨ أطفال في الحبل بتاعها عشان لو المياة جرفتهم يعرفوا يلاقوا بعض محدش يغرق،

ده كان عمل بطولي وتصرف سليم في وقتها، لكن أحيانًا الطبيعة بتكون قاسية، ودخل الفيضان وغرق الأدوار اللي تحت في الدار،

فيه كام ولد كبار شوية تسلقوا على الجدران من بره لأعلى نقط ودول اللي نجيوا،

بس طبعًا الراهبات بالأطفال اللي مربوطين في وسطهم مش هيعرفوا يعملوا كده.

غرقت الدار بالكامل للأسف وكل اللي موجودين ماتوا، معادا بعض الناجين ومنهم الأولاد اللي تسلقوا الدار من بره وهما اللي حكوا اللي حصل.

كل اللي بيوتهم على البحر غرقت منهم اللي لحق يهرب لجوه المدينة ومنهم اللي لا، وكل اللي نجي راح المستشفى عشان أغلبهم مصابين.

كانت حصيلة الفيضان ده ١٢ ألف قتيل للأسف، بس كانت كارثة الدار هي المؤلمة أكتر من غيرها بسبب أن فيه اكتر من ٩٠ طفل ماتوا.

بعد سنين اتبنى المستودع ده، لكن أي حد بيقرر يقعد شوية بيسمع صرخات الأطفال وبيشوف أطيافهم وهي مالية المكان.

About The Author

About Me

ندى الشناوي
كاتب ~  More Posts

Related Posts

سلسلة قصصية : الخيط الأحمر(4)

الفصل الرابع  ” طقوس الحضور “ في الثالثة فجراً ، استيقظت ملك على صوت غير واضح من هاتفها ، رسالة صوتية ، مشوشة ، لا يظهر فيها سوى همسات متداخلة…

هل توجد أبواب الجحيم في سجن قارا كما يُشاع ؟

تَيّم الشناوي يكتب : سجن في المغرب تحديدًا، مدينة مكناس أقل ما يقال عنه جحيم، اتبنى في القرن ال18 في عهد السلطان المولى اسماعيل السجن ده اتبنى لحبس الأسرى والمحكوم…

Comments (0)

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *