كنت أظن الوحش يطاردني حتى أدركتُ أنني كنت أهرب منه إلى نفسي

كنتُ طفلًا حين عثرتُ على الصورة الأولى ، صورة رجلٍ بوجهٍ مشوه وعينين بلون الليل ، يقف وسط الذئاب كأنه واحدٌ منها ، خلف الصورة كتبت أمي بخطٍ مرتجف
لم أفهم ظننتها خرافات العائلة ، لكن في كل عيد ميلاد ، كنت أسمع الهمسات ، أبي ينظر إليّ كالغريب ، جدتي تضع الملح تحت سريري والكلاب كانت تنبح كلما اقتربت
كبرت ولم أكترث ، حتى بلغت السابعة عشرة
في تلك الليلة صحوتُ وأنا أصرخ ، يدي مغطاة بالوحل ، وفمي بطعم المعدن ، خرجتُ إلى المطبخ أترنّح فرأيت أمي تنظر إليّ بدمعةٍ مكتومة وهمست
– لقد بدأ يستيقظ
في الأسبوع التالي، رأيت أول الحلم لم يكن حلمًا… كان ذاكرة ، رأيتُ نفسي أقف وسط الغابة ، عاري الجسد ، يحيط بي قطيع من الذئاب ، يبايعني بصمت
قال لي أحدهم بصوت يشبه صوتي
– أنت الأخير الدم النقي أمير الذئاب
استيقظتُ أبكي ، ثم بدأت الأفعال ، أصبحتُ أسمع صوتًا بداخلي يهمس في الظلام
بدأتُ أكره ضوء النهار، أشتاق لشيء لا أعرفه ، وعندما غضبتُ ذات مرة في الشارع ، هجمتُ على رجل دون وعي وعضضته
كان جسدي يتغيّر ، عينيّ تشتعلان حين أنظر للقمر، وسرعتي تتجاوز كل من حولي ، أمي اعترفت أخيرًا
– أنت ابن لعنة قديمة ، وُلد في سلالة جدك الأول ذلك الذي عضّته الذئبة ولم يمت
هربتُ ودخلت الغابة ، وهناك وجدت البرج الحجري
لا أحد يسكنه لكنني شعرت أنه بُني لي ، في الليلة التالية أتى القطيع لم يتكلم أحد ، فقط اقتربوا واحدًا تلو الآخر، وانحنوا لي
فهمت أنا لست بشرًا ، لم أكن يومً ، أنا أمير الذئاب
لكنني اخترت العزلة لا أقتل ، لا أهاجم ، أعيش على الحافة ، بين الإنسان والوحش ، بين الجوع والندم
وكلما نظر الناس إلي ، لا يرون سوى شابٍ عادي لكنهم لا يعلمون أن الذئب لا يركض في الغابة فقط ، بل يسكن قلبًا يُجاهد كي لايعوي